Tuesday, September 24, 2013

هو .. الذي لا يحب عدوية


يحكى أن رجلا عاش في القرن الماضي كان لا يحب عدوية , يستيقظ من نومه في الواحدة ظهرا ليقوم بعمله الشاق , ألا وهو كتابة مقال هام لجريدة هامة .. لا يأخذ هذا من وقته سوى دقائق ولكنه يشعر بأهمية ما يفعله .. حتى أنه ظل يمجد في هذا الحدث لمدة ساعة على الأقل حين سأله أحد الأصدقاء عن طقوسه أثناء كتابة مقاله الذي يغير العالم كل صباح .

يقال أنه كان في كل مرة يضيف شيئا جديدا على قصته الشبه وهمية عن طقوس الكتابة حتى أنه ذات مرة بالغ حتى قال أنه لابد ان يمسك بالقلم لمدة ثلاث دقائق على الأقل حتى يستطيع أن يكتب

يبدأ يومه بلعن الشمس في الصيف والتحسر عليها في فصل الشتاء , ويقال أنه ذات يوم أخرج رأسه من شفرته ونظر إلى السماء ثم قال " ينعل أبو الحر يا أخي .. ينعل أبو الحر " ولم تأت سيرة السماء على لسانه سوى حين كتب مقال يراوغ فيه صديقه النذل الذي راهنه أنه سيكتب مقال عن كل شيء يحبه بما فيهم صديقه .. كان هذا في صيف
ما

أخبرتنا زوجته عن حبه لموسيقى موتسارت .. يحب الموسيقى الكلاسيكية ولكنه لا يعرف سوى موتسارت .. لذا ..قرر أن تكون موسيقى موتسارت هي الموسيقى الخلفية لحياته , حتى أنه أخبر صديقه الذي لا يحبه مثل الشمس في الصيف أن لدى موتسارت شيء ما يخصه .. ربما كانت عيناه .. أو أذنيه .. لا يعلم ولكنه يعلم أن هناك شيئا مشتركا بينه وبين موتسارت

حين عرض عليه أحد الأصدقاء أغنية لعدوية ..صرح بصوت واضح وبلهجة صريحة لا يشبه في صراحتها سوى صدر عاري لفتاة شارع فشلت أن تكون عاهرة .. هكذا قالها وهو ينظر لصديقه بطرف عينيه
" أنا مابسمعش الخرا ده "

في ليلة من ليالي ديسمبر الأخيرة كان وحيدا في منزله , يبدو أن زوجته ملت من إدعائه الذي تزوجته في الأصل بسببه ولكن ربما ملت من مصارحة نفسها حقيقة أنه ليس مميزا لهذه الدرجة
, أفرغ كأسا من المارتيني في فمه كأنه يعاقب حلقه على أنه حلقه ليس لأنه يفضله ولكن لأن معظم أصدقائه يفضلون الفودكا
ثم فتح الراديو .. ليترك أخيرا لشخص ما غيره تحديد مصير الأشياء .. هذه هي متعة الراديو في الأساس , أن تتخلى قليلا عن مسئولياتك , أن يتولى أحدهم مهمة إسعادك
وفجأة
أصدر الراديو صوتا رخيما هادئا يقول  بصوت حزين
" يا قلبي صبرك على اللي راح ولا جاش "
أدرك في التو أنه عدوية
سارع لتعديل محطة الراديو ولكن .. 


شيء ما في هذا الصوت جعله يستلقى على سريره العائم على نغم موتسارت
" مراسيل وجوابات "
" مراسيل وجوابات والرد ما جاشي "
لا شيء أعلى من ألم في خلف رأسه جعله يشعر بثقل صوت الطبله وكأنها أصابع فتاة من بورتو ريكو تمسح آلآم ظهره كما مسحت أصابع الله الآم المسيح
يقول عدوية بخفة " يا ليل يا عين .. يا ليل يا عين " مرارا وتكرارا لا شيء آخر
لا شيء آخر .ذهب في نوم عميق
بينما ظلّ صوت عدوية ينساب على الجدران وكأسات الخمرة الفارغة وسريره الفخم على أشياء كثيرة
من بينها نومه العميق..
" أنا سبع سنين باعشقك .. ده أنا "

No comments: