Friday, January 10, 2014

مقاييس التشتت

" بلاش تبوسني في عينيا دي البوسة في العين تفرّق
يمكن في يوم ترجع إليا والقلب حلمه يتحقق "

تقول الأسطورة إنه في علاقات ما ليها خصائص معينة .. مابتنتهيش .. مابتنتهيش أبدا .. زي علاقة المدخن بالتدخين .. مفيش مدخن بيبطل فعلا ..
حتى لو بطل .. بيرجع يشرب حتى لو بعد 30 سنة توقف .. لو مات قبل ما يرجع يشرب .. الناس بيفهموا غلط إنه توقّف .. أو ماكانش عايز يرجع !
لأ .. يمكن كان عايز يرجع بس الظروف منعته .. مات !
مين قال انه لو مات يبقا كان بطل يحب !

وده النوع من العلاقات اللي بتوصل في أجزاء كتير من مراحلها ل
" وقابلته .. نسيت إني خاصمته .. "
والحاجات في الدنيا نوعين .. نوع بتعلّم عليه وتتعلم منه .. ونوع بيعلّم عليك ومابتعرفش ببساطة تتنتصر عليه أنه ببساطة مدخّن مقتنع بجدوى التدخين
أبطّل ليه ؟!

" كل الحاجات بتفكّرني
بعيون حيرتها تحيّرني .. كل الحاجات حواليا تدور
زي الحيطان بتداري النور .. وقلبي من بعد الطيران .. ما حيلته إلا جناح مكسور
دلوقت مهما أقول الأه .. وانت بعيد من يسمعني ! "

بيقولوا إن فيه فترتين .. هم أصعب فترتين في طريق تعافي المدمن من مرضه , واحدة منهم بتكون في بداية العلاج .. وهي احساسه الكامل بحاجته الدورية للي بيدمنه واللي بيسموها مجازا أعراض انسحابية وبتكون من نوعية .. لأ مين قال إني عايز أبطّل .. أنا عايز أرجع .. ثم يشتغل عقلك اللي قفل السكة في وشها منذ قليل .. كلّمها .. كلّمها أرجوك دلوقت حالا
وبينتهي الإحساس ده تماما بمجرد ما بتنتهي الحقنة .. بيتبعها احساس بالذنب
كمريض .. يستحق العلاج ولا يستحق الاتهام بالضعف
بتتسحب الحقنة من ايده زي ما تكون قاصده تعوّره وهو بيسيبها تقع لوحده ..
لحد معاد القرار التاني .. وأعراض الانسحاب التانية
ده كله قبل قرار الوداع الأخير ..

" هاودّعك .. آخر وداع .. " أو المعروف مؤخرا ب :
" الفراق .. اللي يتفقوا الحبايب فيه يبقوا صحاب "

ودي المرحلة اللي بيفتكر فيها المدمن إنه خلاص تخلّص تماما نهائيا .. وبيقولوا كمان إنه أحد أعراض الإدمان إن المدمن يبدأ ساعتها يفكر يستبدل ما أدمنه بآخر .. زمان كانت الناس بتحس إن اللي بيعمل كده بيتعافى فعلا , لكنه مؤخرا بدأت الناس تتقنع بإنه بائس لدرجة إنه
" كل واحده .. بتقابلها بتبقى حاسه .. انت مش جايلها ده انت جاي تنسى " التجارب أثبتت إن البدائل قصيرة العمر بطبعها , لعدم اشباعها بشكل ما - غير منطقي في كتير من الأحيان - نفس الكم من الرغبات اللي كان بيشبعها مصدر الإدمان الأصلي , وماحدش يعرف ليه .. رغم توافر كل مسببات الإشباع ويمكن أكتر
وهنا بيقع المحترم القوي في أصعب لحظات حياته ..

" أهرب من قلبي أروح على فين .. ليالينا الحلوة في كل مكان "
" ليه بيفكروني عينيك ! ليه بيرجعوني إليك ! ليه بيكلموني عليك "

لحظات الفلاش باك المؤلمة , لحظات يظن فيها المدمن إنه كان سعيد في وقت ما في الماضي اللي بيظهرله في الفلاش باك !
الماضي ! الماضي اللعين .. جرّب تحرّك شعرة في الماضي وشوف ازاي هيتقلب عليك لأنك ببساطة ماحلتوش .. لأنه ببساطة فيه حاجات مالهاش حل ..
فيه ناس بتقول ماترجعلوش أبدا ! لكن ازاي !
ازاي واحنا ملينا الدنيا أمل , الامل .. هو المرض الأخطر وأسوأ العادات هي تربية الأمل .. ودي بتكون الفترة التانية الصعبة في حياة المدمن فترة الحنين التام
فترة المقارنة وبتكون المقارنة على سنة الأساس والسنة اللي بعديها

وهنا .. يختلف الأشخاص إلى نوعين :

النوع الأول :

" قولي لقلبك يسمعني .. مش دمعه اللي مرجعني
من غير ما تنادي وتبكي الشوق كان هيرجّعني "

مرحلة المدمن الغير قادر على التوقف واللي ممكن يضحي بكل حاجة في سبيل ما يدمنه .. مرحلة المدمن اللي بيكسب تعاطف الناس كلها .. والناس كلها بتحبه وبتشفق عليه وعايزه تساعده .. واللي بتنتهي دايما إما بانتحاره بعد تحول حياته إلى الجحيم لحد النهاية ( راجع نسب الطلاق مؤخرا في جمهورية مصر العربية ) .. نظرا لأن العلاقة غير مناسبة ومضرة من الأساس حتى مع وجود الحب أو بتنتهي بموته ببساطة .. النوع اللي بيصعب ع الناس .. بتتجنبه من غير ما تعامله بسوء لأنه مدمن .. لأنه غارق في الوهم .. ودي اللي بيستسلم فيها المدمن ل
" فكروني ازاي ! .. هو أنا نسيتك " .

النوع التاني :

" و ابقى .. افتكرني .. حاول .. تفتكرني "

النوع ده بيقرر يعمل نفسه ناسي .. وده النوع المكروه .. المجتمع كله بيرفضه بحكم إنه مدمن سابق .. والمدمن المتعافى بيحصل على شفقة وتعاطف أقل من صديقه المستمر في الإدمان , ربما بعد التشجيع من هنا أو هنا إلا إنه في النهاية مرفوض تماما , النوع اللي بيوصفه الجميع بالندل .. أو الأناني .. ربما المسمى الانسب ليه بيكون " المتعافي " إنما زي ما قولت في الأول .. فيه نوع من العلاقات .. من الإدمان .. من الإحساس بالأعراض الانسحابية مابينتهيش .. كل اللي بيحصل إنك بتعرف تسيطر عليها في ساعتها .. من غير ما تدور على بدائل للإدمان .. من غير ما تستسلم لطرق العودة الملغمة بالتجارب السابقة ..
النوع اللي هيبطل تعاطي .. بس مش هيبطل تفكير ظنا منه إنه فيه شيء هيحصل .. ولحد ما ده يحصل .. هيعيش بخبرة اللي عنده تجارب .. ويبص للأشياء بحكمة ..
" ماتخافيش .. أنا مش ناسيكي "

Friday, January 3, 2014

دورة حياة ريان جيجز ( الجزء الثاني - في بيتنا أليكس )



لم يكن مانشستر يونايتد قد فاز بالدوري الانجليزي منذ عام 1967 حين قرر عام 1986 أن ينصّب الاسكتلندي الناجح أليكس فيرجسون مديرا فنيا للفريق , تلك الفترة التي انتهج فيها العالم مسارا جديدا لكرة القدم تلك اللحظات التي قرر فيها العالم أن يتوقف قليلا عن مهاجمة البلدان الأخرى و أن يذهب قليلا في كرة القدم إلى النصف الآخر من الملعب .. جاء فيرجسون إلى أولد ترافورد خلفا للعجوز قليل الحيلة رون أتكينسون .. جاء فيرجسون باحثا عن أسطورته الخاصة , ولكنه قرر حينها أنه يحتاج لصنع أساطير أخرى كي يحقق ذلك .. ذلك عندما قرر الذهاب إلى كارديف  .

كارديف مدينة بسيطة هي عاصمة مقاطعة ويلز .. إحدى دول مملكة بريطانيا العظمى . لم تكن تعلم كارديف التي اشتهرت وقتها فقط ب قلعتها الخالدة وجامعتها الشهيرة أن لون السماء اليوم أحمر لسبب ما , لم تكن تعلم أنها بصدد أفق جديد اليوم ربما يجعل منها المدينة الأشهر في بريطانيا كلها وأن يتردد صدى اسم ويلز نفسها واسعا بسبب لاعب كرة قدم 
- غريب ! لون السماء عندكم أحمر في كارديف !
سألها الرجل القادم من مانشستر من أجل مهمة للسائق المحلّي الذي رد بابتسامة ويلزية بارده .. قبل أن ينظر إلى السماء قائلا :
- يبدو أن التنين الأحمر غاضبا من زيارة الاسكتلندي يا سيدي 
- لا أعلم .. أشعر أنه يرحب بي


ربما كانت ظهيرة أحد أيام الأحد عندما استقبل ريان ويلسون أفضل لاعب في دوري المدارس و نجم فريقه في المباراة النهائية , رجلا جادا يدعى أليكس فيرجسون عارضا عليه و أمه الذهاب إلى مانشستر .. بدأ اللاعب الذي لم يكن قد تم عامه الرابع عشر بعد رحلته عندم خرج أليكس من باب المنزل ونظر إلى شرفة اللاعب في شغف .. دخل ريان غرفته وأغلق بابها  .. ثم نظر إلى السماء حمراء اللون , رأى ريان المستقبل كله قبل أن يلتفت إلى أمه السيدة لين جيجز التي تدق باب الغرفة وتخبره أنه سيصبح رائعا 
يقول لها في ثقة :
- أنا رائع يا أمي ولكن السماء تبدو أروع

Thursday, January 2, 2014

دورة حياة ريان جيجز ( الجزء الأول - جيجزي )


أُدرك هذا التشابه العظيم بين حياة الإنسان العادي وبين حياة لاعب كرة القدم , لاعب كرة القدم الناجح يبدأ حياته صغيرا يتهافت عليه الجميع كطفل , الكل يريد التودد إليه , الكل يريد الحصول عليه .. الكل يود لو يكون هو الذي أوجده والكل يريده أن يلعب معه

بعد فترة .. 
يشعر هذا الطفل بأهميته لدى الجميع , ثم يبدأ في التذمر , يرفض , يبكي يشعر بالغيرة من أي طفل جديد , يفعل كل شيء لجذب الانتباه .. يفشل 
ولكنه في النهاية لا زال في مرحلة من مراحل طفولته فلا يستطيع أحد أن يزايد على غضبه وتذمره .. بالعكس قد يحاول البعض تهدئته حينا .. أو معاقبته حينا
ولكنه في النهاية .. طفل عبقري

يتجاوز الطفل العبقري كل تلك التفاهات ويخبر الجميع إن خبرته في الحياة الآن فقط تسمح له بالتخلي .. وما أدراك ما التخلي  , تلك فترة المراهقة العنيفة .. أنا رجل كبير ولا يعجبني الحال
هذا بالظبط قبل أن يقتنع الجميع ويقتنع هو نفسه باقتراب مرحلته الأهم
النجم ..
ربما هي المرحلة الأهم .. هي مرحلة الأب .. مرحلة المسئوليه .. مرحلة التوقف عن الجنون , ربما هي المرحلة الأهم بالنسبة للجمهور ولكن ليس لدى اللاعب
هل جلست مع نجم كرة قدم قبل ذلك !
نعم ربما بالتأكيد شعرت بتلك النظرة الحزينة التي ترقص على كل أبعاد الحكمة , تلك النظرة التي يقفها ربان السفينة .. يشعر فيها بأنه يسيطر على كل شيء تلك النظرة الأخيرة التي ينظرها لطاقمه .. ولسفينته .. قبل أن يعاود النظر إلى جبل الثلج الذي لن يستطع تجاوزه ..
تقترب النهاية بالطبع .. إنها الحقيقة التي يدركها هو وحده .. يدركها في ههتافات الجماهير ,  يراها في آهاتهم مع كل لمسة للكرة 
يعرف أنها لا تدوم .. ولكنه مستمر حتى الآن على الأقل . أنا مازلت هنا
العقد الثاني في ممارسة كرة القدم هو العقد الأخطر .. هو الشيخوخة الكاملة هو لا معنى لاصابتك بكدمة في ساقك اليسرى سوى أن السفينة ستصطدم بالنهاية في أي ثانية
يلعب القبطان بكل ما أوتي من قوة .. حتى لا يشعر بالعجز أو اقتراب النهاية .. يصفق الجمهور , تصرخ الفتيات , يحرز القائد هدفا .. فيتحول لأسطورة