Tuesday, June 24, 2014

وداد

"ساعدني يابني ده انا شقيانه وباشوف الذل .. ساعدني ده انا زي القطة اللي قدامك دي واقعه من حجر ربنا وهو بيغربل الخلق لا شوفت حنية عيالي ولا شوفت رحمة
اديني حاجه لله آكل لقمة ماكلتش من امبارح ! "
( يبتعد الصوت قليلا )
" يا حول الله ! , وِدّني يابني ده الوِد صدقة "

قالت الشحاذة العجوز الجالسة على بعد عشرة أمتار أمام كشك الأمن المركزي بجوار كنيسة تحترق وهي تحتضن شنطتها الفاخرة المهترأة , بينما تطير حمامة بيضاء من أعلى الكنيسة , يجذب فتى مسيحي أمه الباكية وأبيه الكاظم غيظه مشيرا إلى أعلى فتتوقف الأم عن البكاء وتطير دموعها وهي تتبع الحمامة الهاربة من جحيم الكنيسة . وربما لم يهتم الأب لأنه مل من كثرة الإشارات .

أتوقف ولا أبتعد وأنا أراقب اللهب يتساقط فوق رؤوس جميع الملتفين حول عربات الإسعاف والمطافي ولا تردها أصواتهم " إيد واحده .. إيد واحده "
لا تتوقف السيدة العجوز عن النحيب
" يابني ده ربنا باعتنا عشان نلحق بعض قبل القسى ماياكلنا لحم وعضم "
(تبتسم )
" أغنيلك ؟! .. !! ازاي .. ازااي ازاي .. أوصفلك يا حبيبي ازاي , قبل ما أحبك كنت إزاي "
( تضحك )

صرخات من داخل الكنيسة تعلق أمالها على حبال الله , أصوات بالخارج تهتف وتمد يدها بالمساعده , صوت سيارات الإسعاف , تتمدد النار إلى البيوت المجاورة كنبت لبلاب قديم .

" ازااي .. ازاي .. ازاي .. يا حبيبي "

تضحك السيدة العجوز بحنان أعرفه " عجبتك ؟! , ازااي ازاي ازاي أوصفلك يا ح ب ي ب ي " , تنظر لي وهي تتوقف عن الغناء ببطء

" انت وشك شبههم يخوّف , بس أنا حاسه ان قلبك مش قاسي " .