حكمت الاقدار
الصلاة خير من النوم
لم يعد يصلي الفجر .. فقد ايمانه بفكرة ان الصلاة خير من النوم ولكنه لم يبد عليه التاثر كثيرا
دائما ما يتصارع مع النعاس فيغلبه دائما في الثانية عشر بالتحديد ثم اربع ساعات ونص اخري حتي يسمع المؤذن بصوته المؤذي " الصلاة خير من النوم " ثم يسمع صوت كحة ثم صوت بصاق- يبصقه المؤذن غالبا- ثم صوت الراديو بجانب المؤذن عندها تقرر عيناه ان تفتح فيسمع الصوت مرة اخري " الصلاااااة خير من النوم " تاتي زوجته لايقاظه
- اصحي يا ابو محمد الفجر اذن
- حاضر حاضر هاصحي
ينام
يستيقظ في السابعه يبدو عليه ارهاق رجلا لم ينم منذ سنوات يشرب قهوته ويهم بالبحث عن ملابسه
تساله زوجته ؟
- مش هتقرا الورد بتاع النهرده يا ابو احمد ؟
- هابقي اقراه في السكه
الان فقط وبعد عشرون عاما بالتحديد ايقن انه لم يحب الله قط ولكنه لا يعلم بالتحديد اي واقعة في تلك العام هي سبب ذلك
من عشرون عاما
فقد امه
ولكنه يعلم تماما ان " الموت علينا حق " وان احمد صديقه فقد امه ايضا قبل ذلك بعام . هل عندما توفي جنينه الاول في رحم زوجته .. او ربما عندما اتي له والده في المنام يحترق هل عندما القي القبض عليه وهو يختلس مبلغا من خزينة الشركه لينقذ ذلك الجنين ولكنه لم يفعل وتم القبض عليه ومات جنينه الاول والاخير
ربما ذلك
لم يكن الاول الذي يختلس مالا من خزينة المصلحه في بلاده بل ان هذا تقريبا شيئا عاديا جدا
ولكن دائما ما كان يردد في زنزانته التي استمر فيها ثلاث سنوات
" اشمعني انا يارب "
" ما حسنين بيه وكيل الوزاره اختلس وسابوه ومدام سميره اختلست والست ام ابراهيم بتيجي المصلحه تقشر بطاطس"
" ما حسنين بيه وكيل الوزاره اختلس وسابوه ومدام سميره اختلست والست ام ابراهيم بتيجي المصلحه تقشر بطاطس"
ظل طيلة عشرون عاما يعتقد ان الله يعاقبه في الدنيا حتي يزيح عنه بلاء الآخره ولكن دائما ما كانت تراوده احلامه بحق الله اي لعنة هي اشد من تلك التي يعانيها
يعلم تماما ان الفقر الذي يعيه هو نتاج سبع سنوات من الزنى يعلم تماما ان " وعزتي وجلالي لافقرن الزاني ولو بعد حين " ولكن ايضا كانت تراوده وسوسات شيطانه اللعين
" اشمعنا انا يارب "
كم زاني هنا في مصر .. الشعب كله يزنى بشكل او بآخر فهو اما ناكح واما منكوح وتحتم علينا اداب النكاح ان نتكتم عليها ولا نخبر احدا اننا شعبا قد عشق النكاح
ولكن " اشمعنا انا " يقطع صوت صلوات تفكيره ذلك المواطن الذي بدا عليه الشقي
- حضرتك استاذ محمد عبد الباقي ؟
- ايوه
- حضرتك انا بقالي اسبوع داير علي كعب رجلي عايز امضة عشان اخد معاش ابويا وكل شويه يشحططوني
مد ذراعه ليلتقط ورقة الشاب البائس ليلحظ انه قد وضع تحتها عشرة جنيهات
ربما كان يغضبه ذلك كثيرا منذ فتره لربما قد شتمه وسبه ولعن كل راشي ومرتشي في تلك المحروسه ولكن حينها لمع في عيناه بريقا جديدا
بالعشرة جنيهات ربما يشرب مارلبورو اليوم بدلا من الكيلوباترا التي تجعل فمه مثل سلة القمامه
ربما يذهب الي بيته في تاكسي اليوم
ثم
" هي يعني جت عليا "
اذا كان ثلاثة ارباع الشعب هو اما راشي او مرتشي اذا
فقد لعن الله شعب مصر لعنة رهيبه
بين الزنى والرشوه اذن لابد انه هناك في جهنم قسم خاص للمصريين
وضع العشرة جنيهات في جيب القميص ثم بكل بساطه وقع للرجل علي ورقته
- ربنا يخليك لينا يا باشا
- متشكرين يا سيدي اطلع بقي لمدام هند خليها تمضيلك . قولها عم محمد بيقولك امضيلي هنا
اخرج العشره جنيهات من جيبه
ثم مسك طرفيها بيمينه ويساره واخذ يقلبها .. كم كان هذا سهلا يستطيع الحصول علي واحده مثل تلك الورقه علي كل جرة قلم يجرها منذ الان وفيه نهاية اليوم ربما يعود يوميا بخمسون جنيها علي الاقل
قطعت صلوات تفكيره صوت مؤذن مسجد المصلحه .. " حي علي الصلاه " " حي علي الصلاه " وضع العشرة جنيهات في جيبه ثم استلقي علي مكتبه من التعب
عندما قال له الحاج سمير مديره في العمل
- مش هاتصلي الضهر يا ابو احمد ؟
- حاضر حاضر روح انت وانا جاي وراك
كان يحب دوما ان يقال له ابو احمد رغم ان زوجته لا تنجب منذ حادثة حملها الاول والاخير رغم انه لم ينجب يوما علي الاطلاق لم يعد يطيق هذا الاسم
هو محمد عبد الباقي لا يجب ان ينجب طفلا يجب ان يذهب هذا العام ليصتاف مره في حياته بعد ان رفض بعد كل تلك السنين ان يذهب ليستجم مع تلك البائسه زوجته التي تذكره دائما بالصلاه والورد وان " ماحدش بينام من غير عشا " رغم ان وجبة العشاء لم تكن اساسيه يوما ما بمنزلهم الفقير
ولكن ليس بعد الان
سيذهب ليغطي وجهه بمياه الاسكندريه وليمتع نظره بجمال منظر البحر مع جمال ارجل المصطافات علي الشاطئ لن يعتبر المصيف حراما بعد الان
قطعت صلوات تفكيره صوت سواق التاكسي
- معلش يا باشا هاتنزل هنا عشان الشارع اللي جوه ده بايظ وانا لسه مغير عفشه وصاحب العربيه مش راحمني بيحاسبني بالخبطه
قبل ان يبدأ سواق التاكسي بسرد قصة حياته اشار له بالموافقه
اعطاه العشرة جنيهات
ثم ترجل من السياره وفتح باب شقته ليجد زوجته تقرأ سورة يس بصوت عذب
ابتسمت له زوجته واكملت تلاوتها
أخذ منها المصحف
اغلقه
وضعه بجانبها ثم اخلعها حجابها
" قد اعتادت عند قراءة القرآن ان ترتدي حجابها وتتوضأ "
احاط وسطها بذراعيه واقامها من مكانها
وضع قبلة علي راسها
اشتم رائحة شعرها الزاكي .. اخذها من يده الي باب غرفة النوم
وهي تتمنع
- طب استريح من السكه يا ابو احمد
نظر اليها وابتسم .. ثم وضع يده علي فمها بعذوبه
- اسمي محمد عبد الباقي