Sunday, September 16, 2007

وذهبت تلك النسمه

اني بكل الدموع اذكر ذلك اليوم . الذي ذهبت فيه الي الطبيب بعد عناء .حيث اني لا احب الذهاب الي الاطباء , اشعر ان المرض يزداد عندي كلما تكلمت مع طبيب ما , اتذكر اني كنت اتالم كثيرا وكان الحل الوحيد هو ان اذهب للعلاج , لا بديل اخر
كنت اشعر اني اكثر البشر الما وماساة , كنت اشعر بان الله لا يحبني , لا اعلم لماذا ربما لاني لست صادقا في كل افعالي او ربمي ذهب نيتي الي هذا الاتجاه او ذاك , او ربما لاني افعل الكثير من المعاصي - ومن منا لا يفعل -
كان كل تفكيري يصب في ان الله لن يجعلني هنيئا بحياتي ابدا , قد كان شعورا اجهله . قد كان
جلست وبجواري العديد من المرضي جلست بجانبي فتاة صغيره ابدع الله في خلقها .
اذكر لها طفولتها البريئه التي تظهر في ملامحها , اذكر تلك الابتسامه التي كانت تعيدني الي الحياه , اني بشده اذكر صوتها العذب كلما نطقت اسمي من فمها الصغير , اذكر شعرها الذي كان يلعب معها , حيث تملا عيادة الطبيب فرحا بل كانت تنسي المرضي مرضهم
اني اذكرها بشده "نسمة" كانت اسما علي مسمي اصبحنا اصدقاء بعد ذهابي ومتابعتي مع الدكتور .كلما كانت دوما تاتي مع والدتها الفاتنه ذات التسعة وعشرون عاما , كم احببت الذهاب للطبيب فقط لكي اري نسمة , ووالدتها مدام " ان "
لا تختلف الام عن الابنه اطلاقا في ضحكتها واطلالتها العذبه
ولكم كنت اتمني ان يتاخر دوري اكثر فاكثر حتي اكون مع هذه الاسره دائما ,
كنت اعتقد دائما ان المريضه هي الام وخلال حوار لي مع الممرضه قلت لها
- هي عندها ايه ؟ ... اقصد الام
- قرحة في المعده شديده اوي
كم كان يؤلمني ان اذهب بتفكيري بعيدا واري " نسمة " وحيدة بدون امها ..الام وهي ارمله من اسرة راقيه
يبدو عليها التعب .. لم اكن اتوقع سوي انه تعب المرض
- نسمة سيبي عمو ممدوح عشان تعبان النهارده . " صوتها الرقيق في اذني "
- لا مفيش مشكله سيبيها براحتها , تعالي يا نسمة " اجبتها وعقلي يقول ارجوكي لا تحرميني من هذه اللحظه"
- بس انت شكلك تعبان النهارده ..مالك ؟
- لا مفيش . تقريبا كلت حاجه غلط النهارده
- لا الف سلامه عليك
- الله يسلمك .وانتي ازيك دلوقت
- الحمد لله علي كل حاجه قالتها مع ابتسامه رقيقه
لا تزال نسمه تريد الوقوف علي قدمي وانا اداعبها بتحريك قدمي وابعدها عنها , فتحاول مرة اخري واحاول انا ايضا
كم هو جميل ان يكون لديك شيئا مثل طفلة بهذا الجمال . كم كنت اعشق ان اراها وهي تداعب الجميع وتلعب معهم الكبير والصغير .
كم كان يسعد قلبي عندما يري تلك المراه العجوزالتي تجلس في الانتظار تلعب مع نسمه
كم كانت نسمه تملأ حياتي فرحا بعد موت رنا اقرب الناس الي قلبي فكانت هي من تعيدني الي ذلك الجو من الراحه النفسيه الي ذلك الجو من الرضا والقبول والمرح .
خلال حديثي يوما ما مع مدام "ان" ..قالت لي بصدق انها ارمله وان زوجها والد نسمه كان قد مات في عام 2001 العام الذي ولدت فيه نسمه
وكيف ان موت زوجها اثر علي حياتها وفهي الان تعيش حياة صعبة مع ابنتها التي لا تملك غيرها واسرتها التي تبعد عنها دائما ولا تتذكرها ,
كم هو حزين ان تكون تلك المراة حزينه بهذا الشكل , كم كانت نسمة هي من تجعلها قوية وهي الشئ الوحيد
الذي يعطيها دافعا للحياه .
.........................
وبعد مرور شهرا من ذهابي الي ذلك الطبيب ... ذهبت يوما ما اليه كالعاده لاعرف ما بي وجدت السيدة الجميله تبكي
اصابني الذهول . وزادت الصدمه بعد ان سالتها لماذا تبكي
فقالت . ان نسمة حالتها خطره جدا .
- ليه بعد الشر هي عندها ايه اصلا
- هي عندها قرحه في المعده شديده و هي سنها ميستحملش
الان فهمت .. انها لم تكن المريضه بل كانت نسمة .. الان اعود بحالتي الي السوء كلما اري المرض اللعين يهدد حياة تلك النسمة التي نسمت علي في حياتي وتهدد حياة تلك المراه الوحيده التي لا تملك الا ابنتها الرائعه
..اصابتني الصدمه بالسكوت لفترة طويلة
حتي ذهبت مرة اخري الي الطبيب بعد عشرة ايام وبعد ان اطماننت علي حالة نسمة بالتليفون من والدتها اليوم التالي
...ولكن كانت الصدمة اكبر
عندما ذهبت وجدت العيادة تخلو من المرضي , والممرضه الحزينه قالت لي الدكتور بيعتذر النهارده مش هييجي
سالتها عن نسمة فلم ترد , سالتها ثانية فردت بحزن
- لو سمحت اتصل بالدكتور
اتصلت تليفونيا بالطبيب
- ايه يا دكتور قافلين ليه النهارده
- ممدوح . انت فاكر مدام ان اللي بتيجي العياده
- طبعا
- البقاء لله هي ماتت امبارح تعالي دلوقت انا في العزا العنوان هو ...........
- انا جاي يا دكتور ..قلتها وانا لا اتمالك اعصابي
ضهبت وجلست بجوار الطبيب وبعض من المرضي .لم يكن هناك احد في منزلهم سوي اربع او خمس سيدت يبدون في الاربعين من العمر وحوالي 6 رجال يبدون في نفس العمر ايضا
انفردت بالطبيب وقلت له
- امال فين نسمة
نظر لي الطبيب وعيناه تدمعان . وما اصعب ان تري دمعة رجل
- وقال : الله يرحمها .ماتت الاسبوع اللي فات
- الان فقط وللمره الثالثه في حياتي ابكي بشده . من الالم
- ازاي ؟
- ماتت بعد العمليه بكام يوم حالتها زادت رغم ان العمليه نجحت .بس تقول ايه بقي قدر ربنا
- طب وهي ؟
- هي لقوها ميته تاني يوم بعد العزا بتاع نسمه
استمر الحوار بعد ذلك ولكن يكفي ذلك فكفي اني عرفت انها ماتت بحرقتها وبوحدتها وبالمها .. وذهبت شمعه اخري من حياتي , نسمة جميله في الحر الشديد موجة دافئه في هذا البرد القارس . ذهبت نسمه وامها كما ذهب غيرها
وابقي انا وحدي احمد الله علي ما فاتني . وارجو الله ان يغفر لي غضبي وسخطي وعدم رضائي بحياتي فهناك من هم اشد الما ووحدة مني انا .. ولكن الله رحمهم وانقذهم من عذاب تلك الدنيا وحفظهم عنده في رحمته اما انا فما ازال هنا في الجحيم ...
وداعا كل من احببت وذهب مني في غفلة مني وفي غفلة من الحياة

6 comments:

admin said...

رمضان كريم
سلام

sa'7so'7te said...

2alla yer7amhom

bs enta msh elmafrod tez3al

la2en elbnt we mametha ma3 ba3d fe 7etta tanya

ya3ne e3teberhom safro msh 2aktar
enta knt tez3al law 7ad mnhom elle mat we sab eltane

we elbaka2 lellah

Mr.Shad. said...

الف سلامة عليك
و البقاء لله
انشاء الله يجمعهم فى جناته

Zika said...

sa'7so'7te
ونعم بالله
علي فكرة الموضوع مش جديد
ده فات عليه فترة كده من كام شهر يعني

Zika said...

shady shan
الله يسلمك يا شادي
شكرا
باذن الله ربنا يجمعنا بيهم في الجنة ان شاء الله

Zika said...

4xmisr
الله اكرم
سلام