Sunday, July 29, 2012

السجين رقم 900 (2) الفصل التاني .. الاعتراف الأول

مولانا الشيخ والإمام : عثمان محمد عبد الهادي


أول ما النور فتح مسكت الورقة و القلم وقررت أحكيلك .. أنا محتاج حد أحكيله يا مولانا
كنت باكلمك على مستر آرثر .. نسيت أقولك ان مستر آرثر جه مصر لأول مرة سنة 1938 وفضل موجود رغم ان الجيش البريطاني كله رجع بريطانيا بعد أقل من 20 سنة , فتح دار أيتام مرتبطة بجمعيته الخيرية لمساعدة الفقرا ومتضرري الحرب
قلتلك عنه قبل كده انه راجل عظيم
كان بيجيب الأطفال اللي لسه مولودين ويديهم أسامي انجليزية وبيعلمهم الانجليزي كلغة أساسية , يمكن إيف وماجي أكتر اتنين كنت تحس كأنهم انجليز أبا عن جدا
إيف كانت عينيها زرقا .. زرقا كأنها السما .. أو كأنها البحر صافية تماما إلا من سفينة سودا كبيرة بس ما أثرتش على جمالها


تعرف يا مولانا .. أكتر حد زعلت عليه كانت إيف ..
رغم انها ماتت فداء للواجب وللأخلاق المقدسة .. بس يمكن كانت هي خلافي الوحيد مع آرثر , أنا غلطان جدا اني ماعترفتلوش اني بحبها
 بس أنا شوفتها في حضنه , وأنا مدين بفضل كبير جدا لآرثر في حياتي .. كان لازم أسكت وأشوفهم كل يوم بالصدفة نايمين مع بعض
أنا مش متدين اطلاقا بس ماجي  قالتلي ان مش ممكن حد يكون بينام مع حد ويخرج من حضنه بكم الأسى ده
فرق السن بينهم رهيب .. آرثر التخين العرقان العجوز مع إيف في سرير واحد ده في حد ذاته شيء مريض جدا
الحقيقة .. للحظات كنت باكره آرثر وكنت باغير منه جدا
بس بارجع تاني وأقول " لولا آرثر ماكانش هايبقا فيه ايمانويل " .. من حقه يكونله حبيبه جميلة زي إيف
وأبصلهم للحظة
كانت لحظة صمت
لحظات يا مولانا


تصوّر ان مارتينيا اتهمتني أنا في قتلها .. بس أنا ماقتلتهاش .. مش ممكن أقتل إيف , عينيها الزرقا كانت أقوى بكتير من الموت
هي اللي قررت تموت
إيف انتحرت يا مولانا ماقتلتهاش
 آرثر أصلا انسان غبي .. ردة فعله ساعتها كانت مريبة جدا
كلنا جرينا على صوت صراخ الخدامة وهي شايفة إيف مرمية على الأرض والسكينة في زورها والدم حواليها من كل حتة
كلنا كنا ساكتين من الأسى ..
آرثر قبل كده قالنا ان الدم ده علامة لغضب ... اللي بينزف وهو بيموت دليل على انه كان انسان سيء في الدنيا
وهايتعاقب في الآخرة عقاب كبير جدا 
 في اللحظة دي دخل  آرثر وصرخ فينا كلنا من الفزع
مين عمل كده يا أغبيا .. مين عمل كده"
أنا قلت مفيش دم .. قلت مفيش دم
 "شيلوا الأرف ده فورا


ماكنتش متخيّل رد ماجي
جت جنبي وأنا باعيط وصرخت فيا" إيف انتحرت " هه قالتها وهي بتغمز وبتبتسم ابتسامة شريرة جدا
"  ولا ايه رأي ايمانويل الرومانسي الحزين ؟ "
مارتينيا قالتلها :" ماتلوميش حد غير نفسك واهمالك يا ماجي وعدم اهتمامك باالنظام ..بتسخري من ايه .. من إيف .. إيف كانت مثال التضحية عشان الكل .. أما أنتي .؟! .. انتي عملتي ايه " ,  لفت مارتينيا ساعتها ناحيتي
وبصتلي بمنتهى الجرأة وقالت
" طبعا ايمانويل انت مالمستهاش ومالكش أي دخل باللي حصل ده
مش كده
قول يا ايمانويل ماتخافش .. الاعتراف هايريحك من عذاب الضمير
( وصرخت فجأة )
وهايريحك من العياط زي البنات الصغيرة المزعجة
"
بصتلهم وأنا بحاول أتمالك أعصابي وبابص لضهر مستر آرثر وهو طالع السلم الكبير من بعيد
وصرخت فيهم كلهم بطريقتهم المفضلة


إيف إنتحرت .. ( وبصوت أعلى ) ..  إيييف انتحرت...  لأننا كلنا ماكناش واقفين على نفس المسافة منها آرثر عمره ما فكر فيها تفكير مؤدب
أنا عمري ما حبيت إيف  , أنا بس صعبان عليا البلاط اللي اتغرّق بدمّه
هي طول عمرها كانت انسانة متخلفة ومقززة .. حتى لما ماتت السافلة ماتت بدوشة واازعاج
مش تموت بهدوء زي أي حد بيحترم قدسية الموت
اتفضلوا بقا عندناا تنضيف الأسبوع ده كمان
ملعونة العيشة دي , مفيش مسحوق بيشيل الدم تماما من أول مرة أبدا , ده شيء مزعج جدا ..
اتفضلوا يالا اتفضلوا


كلهم دوّروا وشهم ومشيوا  ما عدا مارتينيا .. استنتهم كلهم لما خرجوا وقربت مني وبصتلي بصة عمري ما هانساها
وقالتلي في ودني بمنتهى الهدوء
" كل الناس ممكن تصدق التمثيلية دي يا ايمانويل إلا أنا .. مارتينيا مش بيتضحك عليها بالخرا ده "
زقتها بعنف جدا لدرجة انها صعبت عليا
رجعت قربت مني تاني وقالتلي
" على فكرة السكينة اللي في رقبة إيف دي شبه السكينة اللي جابهالك آرثر في عيد ميلادك من كام يوم "
وابتسمت ومشيت




مهما حكيتلك وقلتلك عن النظام يا مولانا مش هاتصدقني كل شيء في الدار كان بنظام حتى الموت
مولانا .. مستني جوابك .. أنا مش هافضل أبعتلك في جوابات ع الفاضي .. أنا عايز أحكيلك على كل حاجة بس أحب بارضه اني اخد رأيك


هايقفلوا .ال
قفلوه فعلا .
أنا حاليا باكتبلك على ضوء بعيد جدا


صديقك
ايمانويل

السجين رقم 900 ( 1 )

مولانا الشيخ والإمام .. عثمان محمد عبد الهادي
 معرفش انت فااكرني ولا لأ ؟
بس أتمنى تكون فاكر خطّي .. احنا اتقابلنا السنة اللي فاتت وانت بتزور سجن ( طره ) في زيارتك المعتادة عشان الوعظ .
 اسمي بالكامل (إيمانويل) .. أيوه هو ده اسمي بالكامل عشان أنا متربّى في دار أيتام صاحبها واحد انجليزي .. اتولدت لقيت نفسي هناك فياريت ماتتعبش نفسك بالأسئلة الحزينة اللي متوقع تماما انك هاتسألها لنفسك
"زي .. "هي دي غلطة مين ؟!" .. وزي " هو ربنا بيعمل كده عشان يعذبنا ولا عشان يكافئنا بالنعيم ؟
وأرجو ان انت ماتحاولش تدوّر على أهلي الحقيقيين .. أنا بقالي 23 سنة بادور عليهم .. ومالقتهمش
حتى ربنا أول أب ليا .. مالقتهوش .. حتى لما دوّرت جوايا كويس
أنا بقالي سنين بادوّر على حاجات كتير ومش بلاقيهم .. مش بلاقي حاجة خالص

أنا فاضلّي كتير في السجن .. احساس فظيع انك تبقا عايز تكسّر كل الحيطان والسدود اللي في الدنيا وتطير لكن للأسف انت أضعف كتير من ده , حتى لو كسرت الحيطة دي .. هتلاقي حيطة كمان .. ولو كسرت كل الأسوار حتى السور العمومي بتاع السجن .. القناصة هايصطادوك زي ما بيصطادوا الضباع اللي بتعيش في الصحرا حوالين المنطقة .. الحرية شيء جميل جدا يا مولانا

 تعرف .. أنا عمري ما حكتلك أنا جيت هنا ليه ؟! ... تخيل القاضي المتخلّف ادّاني 25 سنة منهم خمس سنين في المستشفى بتاعة المجانين ؟! ..  هم عامة ماستحملوش أكتر من 3 سنين وجابوني لحد هنا
 القعدة مع المجانين كانت أرحم من الكلاب والمجرمين اللي هنا ..
أنا حقيقي مش فاهم فكرة المنطق اللي يقول انك تجمّع كل الكم ده من المغتصبين والقوّادين والقتلة في مكان واحد مع الأبريا اللي زيي
عموما أنا مش هاسكت .. هم فاكرين مفيش قانون ولا ايه
العدل لازم يسود يا مولانا .. وأنا مش هابطّل أستئنف ضد القرار ده طول مانا عايش

هاحكيلك

من قيمة كام سنة .. وتحديدا مع عيد ميلادي ال 18
جاتلي أول هدية في حياتي ..
اللي جابهالي مستر آرثر مدير الدار اللي اتربّيت فيها , مستر آرثر ده لازم أحكيلك عنه
راجل انجليزي جدا .. انجليزي أكتر من اللازم , بداية من اسمه .. لحد الموسيقى اللي بيسمعها
أنا عشت في الدار دي 20 سنة عمري ما شوفته بيفوّت معاد الشاي وقراية الجرايد وتصفّح وشوشنا كل يوم ومتابعة الحياة في الدار بكل انتظام وبكل اهتمام ..
الله يرحمه
كان راجل طيّب جدا .. وأكيد دلوقت في النعيم مع إيف ومارتينيا وماجي وجون

فكرتني بكل الحاجات دي مع بعضها يا شيخنا
مش فاضل كتير على معاد قفل النور هنا .. أعتقد دي هاتبقا أول رسالة أبعتها لحد من جوّه السجن
أولا لأن كل اللي أعرفهم من الدار مش هاقدر أبعتلهم حاجات زي كده
ثانيا لأنك الوحيد اللي وثقت فيه بعد مستر آرثر يا شيخ عثمان
أنا لازم أسلّم الورقة دي للحراس بكرة عشان يبعتهوالك فمش هاكمّل باقي التفاصيل
الوقت هايطول عموم .. لسه فاضل حوالي 20 سنة

ملحوظة : أنا عارف اني ماينفعش أقول كده .. بس
أنا عيد ميلادي الأسبوع الجاي
امممم
أنا نفسي في تورتة بالفراولة زي اللي كان بيجيبها مستر آرثر

مضطر أقولك .. سلام

صديقك
ايمانويل

Sunday, July 15, 2012

حريقة

لن يشتعل ولن يساعد على الاشتعال .. سيبكوا منه

Friday, July 13, 2012

فجأة


لم الذكريات في كيسه
حط كل شيء مكانه
بيشتري غاليه برخيصه
والسكات بيموت عشانه


مش غريب ع الدم جرحه
شجر الدمع اللي طارحه
البكا بيحب شرحه
والأماكن مسؤولين


عدّى لم الخوف وخبّى
كل شيء في العتمة دب
بس كل حاجه صحيت
فجأه ماتت لما حب


الزمن ده واخده حاله
والأماكن عايشه عاله
والأمل مبعوت حوالة
والسنين بتجيب سنين


فجأة ساب الصح فايح
فجأه بيفكّر بصوت
فجأة فاكر فجأة رايح
فجأة بيقرر يموت

Tuesday, July 3, 2012

الفَـلَـكي

دخان كثيف , دوي طلقات رصاص , أشلاء , بقايا معدّات تصوير 
فتاة ترتدي الأبيض تصرخ في وجه كل من هناك

ثم

- قفشتك يابن المتناكه جيت برجلك يا كس أمك انت وهو



مازلت أرى القليل من النور ..بعيدا .. أقترب خطوة بخطوة أرى الأمور أوضح , يصطف العساكر ثم يختلط الأمر عليهم ثم يأتي من يصرخ بهم فيعاودون تنظيم صفوفهم


- أنا مش هدخل أكتر من كده كفاية كده
- تعالى بس جمّد قلبك لو معاك عدسة زووم هاتجيب معاك من هنا بس جوّه هاتشوف كتر
- وانت ؟
- لأ أنا هاكمل معاك عادي ..نورلنا بموبايلك بس


- قفشتك يابن المتناكة , جيت برجلك يا كس أمك انت وهو


تحملني ذراع واحده نحو مدخل احدى العمارات القديمة , أرى رجلين من قوات الدعم الخاصة بالداخلية 


أرى عصا سوداء من أعلى تنير الظلام تهبط على رأسي فجأة , تسقط الكاميرا من يدي
فجأة وأغيب عن الوعي


- ماما .. حضريلي فطار
- لأ قوم حضر لنفسك
- خليكي جدعة أنا ماتعشتش امبارح


أرى قدمي , أرى أقدام أخرى .. واحدة منها تقترب من صدري
- عامل نفسك راجل يابن الشرموطة وداخل تصور لحد هنا عليا الحرام لنطلع دين أمك
ركلة , صفعة 
يتحدث الآخر 
- بلاش في وشه عشان مايموتش 
أرى العصا مرة أخرى على ساقي
لا أشعر بشيء , ركلة , ركلة 
أغيب عن الوعي مرة أخرى


-   أنا أسف يا مريم مش هاينفع نكمّل احنا بنضحك على بعض
- انت اللي بتضحك على نفسك .. اعمل اللي يريحك


 - قوم يابن الشرموطة انت هاتعمل نفس دين أهلك ميت انت لسه شوفت حاجه يا خول
أقف على قدمي ووأقرر المواجهة
 أعقد يدي وأتركها تذهب إلى وجهه بعنف , لا يتأثر
يغضب أكثر , ثم


-  لأ أحا ده قليل الأدب فشخ  .. هاتعملي فيها راجل طيب يا دكر أنا هوريك رجولتك دي أخرتها اايه


أحدهم يمسك ساقي أحاول الخروج من قبضته , لا أستطيع
أحدهم يخلع بنطالي أحاول أن أضرب بعنف , لا أستطيع
أحدهم يمسك ذراعي والاخر يركلني في صدري 
أحاول الفرار .. لا أستطيع
يحكم الجميع قبضتهم علي ويأتي أحدهم بالعصا ويضربني بها في أسفل ظهري 
أفقد القدرة على الحركة وأصرخ
أنظر إلى الكاميرا أمدّ يدي إليها فيركلها أحدهم بقدميه ثم يركلني في وجهي
يحاول أحدهم وضع العصا في مؤخرتي

أتعمد أن أغيب عن الوعي



- ماشي ماشي .. لما تيجي كلمني , لأ أنا قاعد لحد اتناشر واحده , هاروح أستحمّى وأرجع تاني


يفشل في ادخال العصا ويسقط هاتفي 
أحاول الوصول إليه أمسكه
كل ما يدور في عقلي الان
عادل .. هاكلّم عادل


يحدث شيئا بالخارج , يغلقون مدخل المبنى 
أرى سقف المدخل
أرى سلالم قديمة , أثار لمصعد قديم متهالك غالبا لا يعمل
أرى جسدي عاريا وأثار الضرب
لا أستطيع الحركة
ظهري .. ظهري يؤملني
( عادل أكلّم عادل )


أرتدي ملابسي وأصعد إلى الدور الأول 
أطرق الباب بعنف  رائحة الدخان تتزايد
أطرق الباب
لا أحد يرد
أصعد الدور التالي 
والتالي
والتالي
سطح المنزل مغلق تماما لا أحد يرد
لا أحد يرد أعود إلى المدخل وأنا أترنح


- انت روحت فين يابن الشرموطة هاندور عليك
- هات منه دين أم الكاميرا دي دغدهاله
- انتوا عاملين نفسكوا رجالة جايين لحد هنا برجليكوا يا شراميط .. انتوا مش شيلتوا شيلة وعملتوا فيها دكورة استحملوا بقا يا معرصين
خللي الثورة تنيكك يا شرموط منك ليه
بكره كل واحد يومه جي وهاتيجوا على حجر عمو


مزيد من الصفعات أرفض اعطائهم الكاميرا
يركلها أحدهم
تسقط
أرتمي عليها بجسدي , تنهال  العصيان على ظهري وساقي
يعاودون جذب ملابسي الداخلية يستخدمون أيديهم هذه المرّة
أفقد السيطرة على الكاميرا
يركلها ركلة أخرى


أضغط باخر أصبع باق عندي على زر اخراج العدسة أرتمي عليها وأفكّها فتخرج العدسة من الكاميرا


- مافيش راجل بيعيط 
- ازاي مفيش راجل بيعيط .. أي حد من حقه يعيط
- لأ على فكرة انتي فاهمة غلط .. أنا مش باسمح لحد انه يخليني أعيط مش بدّي الفرصة دي لحد


ركلة أخرى
يعتقد ان الكاميرا انتهت
- انبسط يا كس أمك ... يالا روح بيع بطاطا بقا
أبتسم في خضم كل هذا


أراهم يهرولون بعيدا 
لم يغلقوا الباب هذه المرة
أرتدي ملابسي
أحاول الوقوف
أغيب عن الوعي


الفطار جاهز
 خلاص نسيب بعض
 اقف انت جون
هاجيلك على عشرة عشرة ونص
عادل
مفيش راجل بيعيط


مفيش راجل بيعيّط

Sunday, July 1, 2012

عجزٌ عن الوصف الدقيق


الطريق
  في الطريق
  على الطريق
  إلى الطريق
بالطريق
..
.


حسنا 
لا يبدو على الشاعِر
أنه يريد إيصال معنى ما
غير أنه : يعجز الشِعر عن السير فوق ممتلكات غيره .
وأن الشِعر .. لا يقاس بالمسافة .